الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه logo تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه
shape
شرح أصول السنة لإمام أهل السنة أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل رحمه الله تعالى 164-241 هـ
56865 مشاهدة print word pdf
line-top
ترك المراء والجدال

4- وترك المراء والجدال والخصومات في الدين


هذه الثلاثة تدل على معنى واحد أو متقارب، فالمراء مشتق من المرية.
قال في لسان العرب مادة (مرا): والامتراء في الشيء الشك فيه، وكذلك التماري، والمراء المماراة والجدل، والمراء أيضًا من الامتراء والشك، وفي التنزيل العزيز: فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاءً ظَاهِرًا وأصله في اللغة الجدال، وأن يستخرج الرجل من مناظره كلامًا ومعاني الخصومة.. وقد مارَاه مماراة ومراء وامترى فيه وتمارى: شك. اهـ.
وفي حديث السائب بن عبد الله المخزومي عند أحمد في المسند أنه كان شريك النبي -صلى الله عليه وسلم- قبل الإسلام، قال: فكان لا يُدَاري ولا يماري .
وقد ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: المراء في القرآن كفر أي: المجادلة والنزاع فيه بما يوجب الشك، ويوقع في المرية.
ولكن المراء المذكور هنا يعم المراء في أمور الدين كلها كالجدال في القدر، وأفعال العباد، والمراء في أسماء الله وصفاته في معانيها وما تدل عليه، وكذا في الأمور الغيبية من عذاب القبر، وصفته وما بعده، وغير ذلك، فإن أهل السُّنّة يتوقفون عن ما لا يظهر لهم، ولا يجادلون أهل البدع، ولا يتنازعون في أمور الغيب التي ما أطلعهم الله عليها، وذلك من جملة عقيدتهم، حتى يجدوا دليلا يقولون به، والله أعلم.

line-bottom